حب وحرب فنتازيا لأحداث ماقبل الأسلام
الأمطار توقفت بعد يوم أستمرت فيه هطولها بلا انقطاع والهضاب الخضراء عكست نور شمس أشرقت لتوها على التلال وقوس قزح زاه اخترقته طيور محلقة, خرج وكأنه بوابة السماء وهي تفتح مصراعيها ..
انها الربيع موسم حب الطبيعة وتكاثره ...
ولكن وفي الآفاق البعيدة كانت أعمدة الدخان تتصاعد من قرى أحرقها الغزاة من قبيلة المنجدلون الغليظي القلب وبعد ان سبوا وأبادوا سكانها ...أنه اليوم الثالث على عبثهم بالحياة هنا انها موسم الحرب والقتل عند الانسان وبعد أن ذابت الثلوج والممرات وطرق الحرب أصبحت سالكة.
..كانت إمرأة تعدو وبهلع وهي تمسك بيد صبي تجره سعياً للنجاة من مطاردين يقتربون منها أكثر وأكثر من الخلف ولتُسرِعُ نحو مقبرة مطلة على المنطقة لتختبئ وابنها الصغير ويتواريا بين أحجارها السوداء ..
ولكن أمرها انكشف .
طريدتي وحوش ضارية عدت خلفهما وسابقهما , ثلاثة رجال سكارى من قبيلة المنجدلون يشقون الحنطة البرية التي كانت تغطي كل مكان وكأنهم حيوانات مفترسة ما طعاما ذائقةً.
من ضربة خنجر أتاه بظهره سقط ابنها بين أحجار المقبرة وآخر لحق بخصلة شعرها الطويل فجرها وبعنف حتى ما أن انقلبت على الأرض.
أمدت يدها في الهواء بأتجاه جسد ابنها الساقط أمام ناظرها ولكنها جُرجِرَتْ عُنوة وسُحِلَتْ لمكانٍ خال رجته عويلها ..
عضت كاحل الرجل ولكنه لكمها وبعنف على وجهها فسقطت من جرائها على الحشائش الندية وهي تبكي والأنف ينزف ..
وما كان من أكبرهم إلا وصفع الرجل وبقوة على فعلته وقائلا :
- ياكلب .. إنها لي أولا وهذا اتفاق ...
تأزم الوضع بينهم وأسرعوا بعدها يمدون أيديهم الى مقابض سيوفهم ويسحبونها من أغمادها وظهورهم بدأت تتقوس..
نظروا لبعضهم البعض برهة ,يتحركون ببطء وبأفواهٍ سالت منها اللعاب...
سرعان ما تعالت بعدها قهقهاتهم برائحة انفاسهم الكريهة وببخار تدفق من أحشائهم ..
- كدنا ندخل حرب جديدة.. قاله أحدهم ضاحكاً.
السكوت عم وبعيون كالجمر من لون الضياء أتفقوا في صمتهم على التهام فريستهم وبالتناوب.
كانت تحاول النهوض , دفعها أحدهم برجله فوقعت مرة اخرى.
حط عليها كبيرهم وبدأ بتمزيق ثيابها وهو يلهث وراح يقترب بوجهه الدهين من رقبتها ..
لم يعد فيها أية قوة تذكر , لقد قاومت بما فيه الكفاية واستطاعت أن تهرب من أسرها ولكنها وبالرغم من كل شيئ لم تعرف الاستسلام , فبعد موت ابنها , توحشت وتهسترت ولم يعد لها أي إحساس إنساني باق ..
إنها بوءة بنت ذبيان إبنة كبير قبيلة مبارحة , خسرها والدها يوماً في الرهان لرجل عجوز ..فلم تدعه يمسسها حتى ما أن مات ليلة الدخلة غيضاً فأصرت على عدم الزواج من أحد ولكن أهلها أعطوها قسرا لابن خالها الذي قُتِل الليلة الماضية.
.. عاشت كُلَّ حياتها في عز , رمزا للشجاعة والفخـــــر.. الآن فهي ضعيفة .. في قبضة أعدائها .. حمامة قطعت أجنحتها .
- تفو يا للعار تفو يا خنازير .. خنازير .. خنازير ...
تقولها لهؤلاء القتلة دون انقطاع
وفجأة أتاها من الغيب القوة فصرخت وبأعلى صوتها
- أيتها الـســــــــماء .
ثوان معدودة .. أنفجرت زوبعة من الدماء وغطت صدرها العاري وبغزارة ..
نهضت بوءة فرأت رجلا طويل القامة يقف أمامها ويحمل بيده رأس الذي سعى بتدنيسها وبسيف مدماة بيده الأخرى
ورجال آخرون همّوا بقطع الآخران إربا؟
لم تفهم شيئا .. أعتقدت بأنهم من رجال المنجدلون فأرادت المقاومة..
بصق الرجل الطويل على الرأس المقطوع وثم رماه بعيدا , تقدم نحوها ومالبث أن هبط على ركبتتيه , هامساً فيها قائلاً:
- بوءة ..أنا سريع
سكتت خجلا , فغطاها سريع بعبائته ..
أنفجرت بكاءاً والقت بنفسها عليه وحضنته وبعنف وكأنها طفلة صغيرة تتشبث بأبيها من براثن الموت غرقا... تركت أخوها سريع بعد أن تذكرت ابنها خنضر ... رأته محمولا من أحد الرجال يأتي به وهو يقول ..
- انه حي أختاه .. أتاه جرح على ابطه ولكن لا حرج
وأضاف قائلا
- و جرح صغير برأسه من ارتطام حجرٍ أفقده وعيه .. لاتخافي اختاه سيعيش ...
انه حدوة أمهر صيادي قبيلة آل مبارحة ومن أفطن رجالها..
رجل ومن الف رجل.